عدد الرسائل : 153 com : تاريخ التسجيل : 13/10/2008
موضوع: القرآن........ السبت نوفمبر 01, 2008 3:10 am
القرآن
أيها المسلمون، الأمة تحتاج بشدة أن تراجع مواقفها من قرآنها فهو كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءايَـٰتُهُ ثُمَّ فُصّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود:1]، أنزل ليُتدبر كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ مُبَـٰرَكٌ لّيَدَّبَّرُواْ ءايَـٰتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو ٱلاْلْبَـٰبِ [ص:29]، كامل شامل وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ تِبْيَانًا لّكُلّ شَىْء [النحل:89]، لكل شيئ: كل ما تحتاجه البشرية من علوم ومعارف، وبصائر و حكم، ومواقف وقوانين، ونواميس وسنن ربانية لا يحيد عنها الكون بما فيه قيد أنملة، ومن واجبنا جميعاً أن نتعرف عليها ونتدبرها، وأن نفهمها ونستفيد منها، كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ مُبَـٰرَكٌ لّيَدَّبَّرُواْ ءايَـٰتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو ٱلاْلْبَـٰبِ [ص:29].
وبشيء من العجلة والاختصار الشديد، نمر على بعض هذه النواميس القرآنية والقوانين الإلهية، الحاكمة لحركة الكون وما فيه:
أولاً: لا يحدث شيئ في الكون كله ـ قديماً أو حديثاً أو مستقبلاً ـ صغيراً أو كبيراً إلا بقدر الله وعلمه، وحكمته وإذنه، وتدبيره وأمره، قال تعالى إِنَّا كُلَّ شَىْء خَلَقْنَـٰهُ بِقَدَرٍ [القمر:49]، وقال تعالى: صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْء [النمل:88]، وقال جل وعلا: مَّا فَرَّطْنَا فِى ٱلكِتَـٰبِ مِن شَىْء [الأنعام:38].
ثانياً: خلق الله الإنسان للابتلاء، ومنحة نعمة الاختيار، ومن ثمَّ اختلف الناس إلى مؤمن وكافر، قال تعالى: وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ [هود:118، 119].
ثالثاً: الصراع بين الحق والباطل قائم ومستمر، والعدوان يقع بصفة مستمرة من الباطل على الحق، وَلاَ يَزَالُونَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ [البقرة:217].
رابعاً: الحق أتباعه الأنبياء و المرسلون، والعلماء الربانيون، والدعاة المصلحون، والأتباع المخلصون، والباطل أتباعه الشيطان والجبارون، والطواغيت والمجرمون وعملاؤه المأجورون.
خامساً: هدف أهل الحق إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وهدف أهل الباطل إخراج الناس من النور إلى الظلمات، قال تعالى: ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ يُخْرِجُهُم مّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ ٱلطَّـٰغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَـٰتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ [البقرة:257].
سادساً: الله جل جلاله يتولى أهل الحق وينصرهم في صراعهم مع أهل الباطل، قال تعالى: كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ [المجادلة:21]، وقال تعالى: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَـٰدُ [غافر:51].
سابعاً: إذا انتصر الحق وعلا أهله، فلا إكراه في الدين، ولا استئصال للكافرين، قال تعالى: وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَاء كَٱلْمُهْلِ يَشْوِى ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا [الكهف:29]، وقال تعالى: وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى ٱلأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ [يونس:99]، وإذا كان للباطل صولة وجولة، وعلو في الأرض، فإنهم يتنادون لاستئصال الحق وأهله، وعندها ينزل عليهم عذاب يستأصلهم كلياً أو جزئياً، وسيأتي مزيد بيان لهذه السنة الربانية الهامة.
ثامناً: لليهود عُلوّان إفساديان كبيران وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِى إِسْرٰءيلَ فِى ٱلْكِتَـٰبِ لَتُفْسِدُنَّ فِى ٱلأرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً [الإسراء:4]، وقد أخبر الله عن نهاية العلو الأول بقوله تعالى: فَإِذَا جَآء وَعْدُ أُولَـٰهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلَـٰلَ ٱلدّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً [الإسراء:5]، إذن فقد تم العلو الأول وانتهى، وهم الآن ولا شك يعيشون علواً إفسادياً كبيراً، وهو الثاني والأخير، قال تعالى في آخر سورة الكهف فَإِذَا جَاء وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا [الإسراء:104]، وهو ما حصل ويحصل الآن.
تاسعاً: من أشهر وأكبر وأخطر أساليب اليهود الإفسادية والتي برعوا فيها، وعلوا بسببها، إشعال الحروب بين الأمم، قال تعالى: وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ طُغْيَـٰناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَاء إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا ٱللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِى ٱلأرْضِ فَسَاداً وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ [المائدة:64]، ومن الثابت تاريخياً أن اليهود هم الذين كانوا وراء إشعال نار الحروب العالمية الأولى والثانية وما بعدها.
عاشراً: من أخص خصائص اليهود أنهم لا يقومون بأنفسهم ألبتة، بل لا بد دائما ً من اعتمادهم على غيرهم من الأمم، قال تعالى: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذّلَّةُ وَٱلْمَسْكَنَةُ وَبَاءوا بِغَضَبٍ مّنَ ٱللَّهِ [البقرة:61].
ونعود إلى السياق الكريم الحكيم، الذي اشتمل على قصص كل الرسل السابقين والذين كانوا على رأس قلة مؤمنة مستضعفة، وكان الطاغوت على رأس كثرة غالبة مستكبرة، فبدأً بنوح وعاد وثمود وعطف بمن بعدهم من الأمم الأقوام الذين لا يعلمهم إلا الله، هؤلاء جميعاً كانت لهم قصة واحدة، تصدق عليهم جميعاً، وعلى جميع الأمم التي من بعدهم، على الرغم من اختلاف البيئة، وتباين الشعوب، وتباعد الأزمنة والأمكنة، فتجد أن السياق الكريم يذكر حواراً موحداً بين الرسل وبين أقوامهم المستكبرين، فجميعهم فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِى أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِى شَكّ مّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ [إبراهيم:9].
والملاحظ أن الكفار المستفتحون، حين يعلنون الحرب النهائية على كل المؤمنين في كل الأرض، يكونون في أوج قوتهم وعظمتهم، وعلى ثقة كاملة أن خطة الاستفتاح ستنجح، فالينابيع قد جففت، والشهوات قد أججت، والشبهات قد نشرت، والأموال قد رصدت، والقوات قد حشدت، والإعلام قد أرجف وهول وطبل، والطغيان قد وصل إلى منتهاه، ويكون المؤمنون المستهدفون قلة وضعفاء، لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم. عباد الله، لقد استفتح علينا الإعلام الغربي الصليبي المسير، وتطيروا بنا، وحذروا منا، وألبوا علينا، وأصبح كل مسلم ومسلمة عرضة للأذى، وصارت كل دولة تدين بالإسلام عرضة للاتهام بالإرهاب، وما أخبار إخواننا المغتربين عنكم ببعيد، لقد كشف الأعداء قناعهم المزيف، وظهر وجههم الحقيقي الكالح.